Saturday, March 5, 2016

العرش الالهي


القديــس يـوســف النجـــار


كـلمـــة شـكـــر

أنني أشكر الله أبو ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح ، الذي أتاح لي الفرصة لكي أكتب عن القديس يوسف النجار البار المملوء فضائل . وكم كنت فرحا ومتهللا لأن الله الغني في رحمته شاء وأعطاني موضوع هذا الكتاب علي فم أحد الأصدقاء الأعزاء ،الذي قال لي لماذا لا تكتب عن القديس يوسف النجار ؟  ثم أكمل قائلا إنه قديس عظيم لم تعطه كنيستنا حقه ولم يكتب عنه أحد . ظلت هذه الكلمات ترن في أذني عدة أيام لأني كنت مشغولا في كتابة الفصل الأخير من كتاب بعنوان " معجزة الإثني عشر " ، وبعد الإنتهاء منه بدأت أفكر في نوال بركة هذا القديس العظيم ، بعمل الكتاب الذي نحن بصدده من أجل إظهار غني نعمة الله مع قديسيه، وكيف يتمجد الله فيهم .
لقد كان القديس يوسف النجار في يد الله كالآنية الفخارية التي يشكلها الفخاري الأعظم لتكون آنية للكرامة ، مستعد لخدمته وآداء كل ما يطلبه منه بدون تردد أو تأجيل . ومع أنه كان رجلا شيخا في العقد التاسع من عمره ، إلا أنه كان يطيع أوامر الله الموحاة إليه عن طريق ملاك الرب في الحلم ( مت 20:1-24 ، مت 13:2- 14 ، مت19:2 -23 ). هكذا كان رجال الله الأتقياء في العهد القديم أبطال الإيمان أمثال أبونا إبراهيم الذي قال له الرب " اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلي الأرض التي أريك " (تك1:12) فأطاع . أيضا معلمنا موسي النبي " ظهر له ملاك الرب بلهيب نار من وسط عليقة . فنظر وإذا العليقة تتوقد بالنار والعليقة لم تكن تحترق . ... ثم قال أنا إله أبيك إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب . ... . فالآن هلم أرسلك إلي فرعون وتخرج شعبي بني إسرائيل من مصر ." (خر 2:3 ،6 ، 10) فأطاع .
لقد منح الله القديس العظيم يوسف النجار وهو شيخ مسن ومتقدم في الأيام المقدرة علي تحمل السفر عدة آلاف من الأميال من بيت لحم إلي جبل قسقام بصعيد مصر عندما هرب بالعائلة المقدسة ، ومثلها في العودة . ترك كل أهله وعشيرته وموطنه لكي يتغرب في أرض غريبة لا يعرف فيها أحدا .
وانني أتقدم بجزيل الشكر والإمتنان إلي جناب الأب الروحي الورع الراهب القمص / تادرس الباخومي علي مراجعته هذا الكتاب ، راجيا من الله أن يكون هذا الكتاب سبب بركة لكل من يطلع عليه . ولإلهنا المجد الدائم آمين .

                                     
                                                         دكتور / جميل زكي فلتاؤوس









القـديــس يوســف النـجـــار

البـــاب الأول
المقدمـــة

القديس يوسف النجار رجل عبراني بار تقي من أصل وذرية داود ، أبوه هو يعقوب بن متان ، من بيت لحم (مت16:1 ، 19) ،وقد هاجر إلي الناصرة (لو 4:2 ) ، وكان يعمل نجارا (مت55:13 ) . كان محافظا علي الفروض والطقوس اليهودية (لو21:2- 24)  وكذلك علي الأعياد اليهودية (لو41:2) .
لم يذكر العهد الجديد في الكتاب المقدس أية كلمات لهذا القديس العظيم سواء في وجود السيدة المطوبة القديسة العذراء الدائمة البتولية مريم  أو في وجوده مع وبجوار الطفل " عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا "(إش14:7، مت23:1) .  يعتبر هذا القديس رمزا للحب الصامت الباذل المضحي ، وهو أيضا يعتبر كنزا للفضائل . كان شيخا وقورا عاش ما يقرب من المائة وإحدي عشر سنة ، قضي منها أربعون سنة أعزب ، واثنين وخمسون سنة متزوجا ، وتسعة عشر سنة مترملا (1) . تنيح القديس يوسف النجار عندما كان ربنا يسوع المسيح في السنة السادسة عشرة من تاريخ ظهوره في الجسد (2) لأجل خلاصنا .

عندما بلغ عمر القديسة مريم اثني عشر سنة ، كان لا بد لها أن تترك الهيكل ،  وتخطب لرجل لتعيش في رعايته (مت 18:1) . فجمعوا عددا من الشيوخ الوقورين ، المشهورين بالتقوي ، واخذوا عصاة كل واحد منهم وكتبوا اسمه عليها ، ووضعوهما في الهيكل وصلوا طالبين من الله ان يختار الشيخ المناسب لهذه العذراء ، فظهرت حمامة واستقرت علي عصاة الشيخ يوسف النجار ، لذلك أعطي زكريا الكاهن القديسة العذراء مريم وهي في الثالثة عشر من عمرها إلي الشيخ المسن يوسف النجار وهو في العقد التاسع من عمره الذي أؤتمن عليها من قبل الله ، وقد أخذها إلي بيته في الجليل في مدينة الناصرة (لو4:2) .  وكان ذلك أيام حكم هيرودس الملك (مت 1:2) .

عندما ظهرت بوادر الحمل علي السيدة الطاهرة دائمة البتولية القديسة مريم ، أراد القديس يوسف تخليتها سرا كقول الوحي الإلهي " فيوسف رجلها إذ كان بارا ولم يشأ أن يشهرها أراد تخليتها سرا " (مت19:1) ، حتي لا تتعرض للرجم حتي الموت طبقا لشريعة موسي . وقد أظهر هذا الموقف بره وشهامته وحكمته ونبل أخلاقه الكريمة ، فعظمة الرجال تظهرها المواقف الصعبة . إن الشيطان دائما يزرع في نفوس الناس حتي الأبرار خطية الشك ، كما حدث قديما مع أمنا حواء إذ قالت لها الحية " أحقا قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة" (تك 1:3) . ولكن الله من محبته للقديس يوسف لم يتركه طويلا يتخبط في بحر من الشكوك القاتلة كقول الكتتاب " ولكن فيما هو متفكر في هذه الأمور إذا ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلا يا يوسف ابن داود لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك . لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس . فستلد ابنا وتدعو اسمه يسوع . لأنه يخلص شعبه من خطاياهم . وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل . هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا " (مت 20:1-23) . ونظرا لأن ربنا يسوع المسيح هو الله الظاهر في الجسد ، فهو معنا وموجود في حياة كل من يؤمن به.  فلما استيقظ القديس يوسف من النوم أطاع الله كقول معلمنا القديس متي بإرشاد من الروح القدس " ... فعل كما أمره ملاك الرب وأخذ امرأته " (مت24:1) .
لقد قدم القديس يوحنا في الإنجيل المعروف بإسمه الرجل البار يوسف النجار علي أنه والد الرب يسوع في موضعين ، الأول عندما وجد الرب يسوع فيلبس وقال له " اتبعني " ، فوجد فيلبس نثنائيل وقال له " وجدنا الذي كتب عنه موسي في الناموس والأنبياء يسوع بن يوسف الذي من الناصرة " (يو45:1)، والثاني أمام يهود كفر  ناحوم عندما قال لهم يسوع " أنا هو خبز الحياة "  (يو 35:6) وأيضا " أنا الخبز النازل من السماء " (يو41:6) فتزمروا عليه وقالوا أليس هذا هو يسوع بن يوسف الذي نحن عارفون بأبيه وامه " (يو43:6) .
كذلك القديس متي البشير استخدم نفس التعبير " وكان أبواه يذهبان كل سنة إلي أورشليم في عيد الفصح " (لو41:2) ، وأيضا " لما كانت له اثنتا عشرة سنة صعدوا إلي أورشليم كعادة اليهود ... ولما لم يجداه رجعا إلي أورشليم يطلبانه . وبعد ثلاثة أيام وجداه في الهيكل جالسا وسط المعلمين يسمعهم ويسألهم . ... وقالت له أمه يا بني لماذا فعلت بنا هكذا . هوذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذبين ." (لو43:2-48 )  .
إن عقيدتنا وإيماننا المسيحي طبقا لما هو مدون في كلمة الله الموحاة بالروح القدس في كل من إنجيل لوقا البشير وإنجيل متي البشير مبني علي أن حمل السيدة المطوبة الدائمة البتولية مريم لم يتم عن طريق زرع بشر بل من الروح القدس . وقد كانت عصا هارون التي أفرخت (عد8:17)  بغير غرس ولا سقي ترمز وتشير إلي حبل السيدة العذراء مريم بالسيد المسيح بدون زرع بشر، لذلك نجد أن الله أمر بوضع عصا هارون في تابوت العهد ، تذكارا لكل الأجيال القادمة، لكي تِؤمن  بالتجسد الإلهي . والوحي الإلهي بالروح القدس كما هو مدون في إنجيلي  لوقا ومتي البشيرين : " ’أرسل جبرائيل الملاك من الله إلي مدينة من الجليل اسمها ناصره إلي عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف واسم العذراء مريم . ... . فقال لها الملاك لا تخافي يا مريم لأنك وجدت نعمة عند الله . وها أنت ستحبلين وتلدين أبنا وتسمينه يسوع . هذا يكون عظيما وابن العلي يدعي ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه . ويملك علي بيت يعقوب إلي الأبد ولا يكون لملكه نهاية. " (لو26:1-33) . كذلك  "... إذا ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلا يا يوسف بن داود لا تخف أن تأخذ مريم إمرأتك . لأن الذي  ’حبل به فيها هو من الروح القدس . فستلد ابنا وتدعوا اسمه يسوع . لأنه يخلص شعبه من خطاياهم . لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل . هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا " (مت 20:1-23) .
كما أن قانون الإيمان المقدس الأرثوذكسي ينص علي أننا " نؤمن برب واحد يسوع المسيح ، ابن الله الوحيد المولود من الآب قبل كل الدهور . نور من نور. إله حق من إله حق . مولود غير مخلوق . مساوي للآب في الجوهر . الذي به كان كل شئ . هذا الذي من أجلنا نحن البشر . ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء وتأنس . ... " .
في إيماننا المسيحي نحن نبجل السيدة المطوبة القديسة مريم الدائمة البتولية ، والشيطان وهو رئيس هذا العالم كان يجهل أسرارا إلهية هامة تمت في صمت كامل وهي تجسد ابن الله في رحم العذراء مريم وبتوليتها محفوظة كما هي وموت السيد المسيح الكفاري علي الصليب . وحتي يومنا هذا ، هناك العديد من أهل هذا العالم لا يستطيعون أن يفهموا أو يدركوا هذه الأسرار الإلهية .
إن بشارة الملاك أولا للقديسة مريم العذراء كل حين (لو26:1-38)  ، ثم بعد ذلك للقديس يوسف النجار (مت20:1-24) ، ثم صرخة إليصابات التي تنبأت وقالت للقديسة مريم " مباركة أنت في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك . فمن أين لي هذا  أن تأتي أم ربي لي " (لو42:1-43) ، ثم ميلاد ربنا يسوع المسيح في بيت لحم وتسبيح الملائكة (لو13:2-14) .  كذلك حضور الرعاة إلي بيت لحم وكل ما أخبروا به من الكلام الذي قيل لهم من الملاك عن الصبي (لو15:2-18) ، ثم زيارة المجوس الآتين من بلاد فارس وسجودهم له وتقديمهم هديا ذهبا ولبانا ومرا (مت1:2-12) دليل علي ان بشارة ميلاد ربنا يسوع المسيح وهي بشارة الفداء والخلاص وصلت إلي الرعاة واليهود وكذلك المجوس الأممين ، فهو " نور إعلان للأمم ومجدا لشعبك إسرائيل " (لو32:2) . ثم تقديم القديس يوسف والقديسة العذراء مريم ذبيحة للرب طبقا لشريعة موسي (لو22:2-24) ، بالإضافة إلي كل ما سمعوه ورأوه من القديس سمعان الشيخ ومن حنة النبية (لو25:2-38) ، جعلهم يتعجبون ولا ينطقون   "وأما مريم فكانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به في قلبها " (لو19:2) . كل هذه الإعلانات السمائية وهذه الأسرار الإلهية جعلت القديس يوسف النجار والقديسة العذراء كل حين مريم يستمرون في حياة الطهر والقداسة التي بدأوها وهم في الحقيقة يعيشون السماء وهم علي الأرض ، أفكارهم وكل حواسهم مقدسة لآن الرب إله السماء نفسه معهم في منزلهم .
إن حلول الروح القدس علي السيدة العذراء مريم قد طهر رحمها وقدسه وجعله مستودعا طاهرا للرب القدوس المولود منها (لو35:1) ، وقد دخل الرب رحمها وخرج وهو مغلق كما هو وبتوليتها مختومة كما جاء في نبوة حزقيال  " ثم أرجعني إلي طريق باب بيت المقدس الخارجي المتجه للمشرق وهو مغلق. فقال لي الرب هذا الباب يكون مغلقا لا يفتح ولا يدخل منه إنسان لأن الرب إله إسرائيل دخل منه فيكون مغلقا " (حز1:44-2) .
وطبقا للعرف والتقاليد اليهودية في ذلك الوقت ، كانت كل المواليد لا بد أن تنسب إلي أب وأم لكي تكتتب في السجلات الرسمية في الدولة ، ولذلك كان لا بد من وجود القديس يوسف النجار رمزيا لكي يكتتب السيد المسيح له المجد بإسمه .  وقد أؤِتمن القديس يوسف النجار من قبل الله علي خطبة السيدة العذراء كل حين نظرا لبره أمام الله ، وكان في العقد التاسع من عمره عندما   أعطاها له زكيا الكاهن خطيبة فأخذها إلي منزله في الناصره  وكان عمرها ثلاثة عشرة  سنة . حياتهما معا كانت تكليفا من الله من أجل القدوس المولود منها لتربيته حسب الجسد ولكي يعولهم القديس يوسف النجار ماديا وأدبيا ونفسيا وروحيا .  لقد أعطي الله القديسة العذراء مريم إلي القديس يوسف النجار ، ولم تكن خطيبة عادية بل خطيبة مملوءة من نعم الله وتطويبات جميع الأجيال (لو48:1) . والله قد وضعها في بيت القديس يوسف لحمايتها ولكي يتمم قصده الإلهي .
إن بنوية الرب يسوع المسيح للقديس يوسف النجار بنوية وضعية لأننا أحياننا نقول أن مصر بنت النيل ، والنيل لم يتزوج لكي ينجب مصر ، كذلك نحن أحيانا نقول أن هذه من بنات أفكاري ، وأفكاري لم تتزوج لكي تنجب هذه الفكرة .



البـــاب الثـــانـي
فضــائــل القـديـــس يوســف النـجــار

الوحي الإلهي يشهد أن القديس يوسف النجار " رجل بار" (مت19:1-23) ، وكلمة " بار " معناها أنه يستطيع أن يقف أمام الله بلا لوم . ومما يظهر بره هذا عدة مواقف ، الموقف الأول هو أنه قد أؤتمن من قبل الله لرعاية القديسة العذراء مريم وهي طفلة في الثالثة عشرة من عمرها  وهو شيخ مسن في العقد التاسع من عمره . والموقف الثاني هو عدم رغبته في التشهير بالقديسة مريم ، وهذا يدل علي أنه ذو قلب طيب ونقي " طوبي لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله" (مت8:5) ، مملوء إيماننا بالله ورحمة وعطفا وحنانا " طوبي للرحماء لأنهم يرحمون " (مت7:5) ووداعة " طوبي للودعاء لأنهم يرثون الأرض " (مت5:5) . كان نجارا متواضعا لأنه " يقاوم الله المستكبرين وأما المتواضعين فيعطيهم نعمة . ... أتضعوا قدام الرب فيرفعكم " (يع 6:4 - 10) . والموقف الثالث هو إطاعته لملاك الرب " فلما استيقظ يوسف من النوم فعل كما أمره ملاك الرب وأخذ امرأته " (مت24:1) . والموقف الرابع هو موقفه المملوء شهامة وحكمة نحو قبوله حملها المعجزي وأمومة السيدة العذراء للقدوس المولود منها باحترام مع أنه كان وقتها لا يعلم بهذه الأسرار السمائية اللاهوتية الخاصة بسر التجسد الإلهي .
لقد كان لربنا يسوع المسيح  منذ أن حبل به من الروح القدس وولادته لاهوت وناسوت ، وأن لاهوته وناسوته متحدين بدون إختلاط  أو امتزاج أو تغيير ، والأب الكاهن في القداس الإلهي يقول أن " لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين " . المسيح له المجد وهو في الناسوت شابهنا في كل شئ ما خلا الخطية وحدها ، فكان يأكل ويشرب ويجوع ، يبكي ويتعب ، ينام ويسهر .
كان القديس يوسف النجار رجل تقي ، فالرجل التقي هو من يعبد الله ويخافه ويخشاه ويحفظ وصاياه ، وقد ظهر ذلك في إختتانهم الصبي يسوع له المجد وهو عمر ثمانية أيام وسموه يسوع كما تسمي من الملاك قبل أن حبل به في البطن (لو21:2) ،  وبعد أربعين يوما من ولادته صعدوا إلي الهيكل بأورشليم ليقدموه للرب حسب شريعة موسي (لو22:2) ، وأيضا لكي يقدموا ذبيحة كما قيل في ناموس الرب (لو23:2-24)  ، فربنا يسوع المسيح مع أنه هو ابن الله،
لكن القديس يوسف النجار والقديسة مريم قد تمموا هذه الطقوس طبقا للشريعة والناموس ، فالمسيح إلهنا هو فوق الناموس وواضعه ولكنه بإرادته الكاملة أراد أن يتمم كل شئ نيابة عنا فخضع للناموس إلي التمام ، وقد قال بفمه الطاهر " لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء . ما جئت لأنقض بل لأكمل " (مت17:5) .  وبعد زيارة المجوس الذين أتوا من بلاد فارس ليتعبدوا ويسجدوا للمسيح ظهر ملاك الرب للقديس يوسف مرة ثانية في حلم وقال له   " قم وخذ الصبي وأمه واهرب إلي أرض مصر وكن هناك حتي أقول لك . لأن هيرودس مزمع أن يطلب الصبي  ليهلكه . فقام وأخذ الصبي وأمه ليلا وانصرف إلي مصر . وكان هناك إلي وفاة هيرودس . لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل من مصر دعوت ابني " ( مت 13:2-15 ، هو1:11) . وبعد وفاة هيرودس الملك ، ظهر ملاك الرب مرة ثالثة للقديس يوسف النجار وهو في مصر وقال له " قم خذ الصبي وأمه واذهب إلي أرض اسرائيل . لأنه قد مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبي . فقام وأخذ الصبي وأمه وجاء إلي أرض اسرائيل . ولكن لما سمع أن أرخيلاوس يملك علي اليهودية عوضا عن هيرودس أبيه خاف أن يذهب إلي هناك . وإذ أوحي إليه في حلم انصرف إلي نواحي الجليل .  وأتي وسكن في مدينة يقال لها ناصرة . لكي يتم ما قيل بالأنبياء أنه سيدعي ناصريا " (مت20:2-23) . وما قيل بالأنبياء هي إشارة إلي نبوة إشعياء النبي " ويخرج قضيب من جذع يسي وينبت غصن من أصوله .  ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب " (إش 1:11)  في هذه النبوة ’أشير إلي السيد المسيح له المجد أنه " قضيب "  أي غصن أو فرع ، لأن المسيحية هي شجرة تنمو وكل غصن فيها يحمل عصنا آخر وهكذا ، وهي بالعبرية  " ناصر "  وبالإنجليزية      Nazareth
ناب ربنا يسوع المسيح عنا في كل شئ مقدما نفسه في الطاعة لكي يرضي الله نيابة عنا ليتمم غفران خطايانا  وأعطانا مثالا عمليا في الجسد في تنفيذ وصايا الله الكاملة ، فمثلا كان يقدم الطاعة لوالدته العذراء مريم وللقديس يوسف النجار طبقا للوصيه " أكرم أباك وأمك ... " (خر12:20) . وأيضا أعطانا ربنا يسوع مثالا في طاعة الله الآب وكان يفعل مشيئته كما أعلن ذلك بفمه الطاهر إذ قال " والذي أرسلني هو معي ولم يتركني الآب وحدي لأني في كل حين أفعل ما يرضيه " (يو29:8) .
من ضمن فضائل القديس يوسف النجار هو تحمله المسئولية الملقاة علي عاتقه والتي أؤتمن عليها من قبل الله بدون تذمر . فعندما صدر أمر من أوغسطينوس قيصر بأن تكتتب كل المسكونة " فصعد يوسف أيضا من الجليل من مدينة الناصرة إلي اليهودية إلي مدينة داود التي تدعي بيت لحم لكونه من بيت داود وعشيرته . ليكتتب مع مريم امرأته المخطوبة وهي ’حبلي " (لو4:2-5) . كم كان ذلك صعبا علي كل من القديس يوسف وخطيبته القديسة العذراء دائمة البتولية مريم لأنه " بينما هما هناك تمت أيامها لتلد . فولدت ابنها البكر وقمطته وأضجعته في المذود إذ لم يكن لهما موضع في المنزل " (لو6:2-7) بسبب ازدحام المدينة بالقادمين إليها للإكتتاب .  كم هو عجيب أن يولد ملك الملوك ورب الأرباب في مذود ، فقد تنبأ عنه إشعياء النبي وقال " ... ويدعي اسمه عجيبا ... " (إش6:9) .  من تواضع رب المجد يسوع ولد في حظيرة للأغنام والمواشي فهو الراعي الصالح ، وقد تنبأ عنه إشعياء النبي فقال " هوذا السيد الرب بقوة يأتي وذراعه تحكم له . ... كراع يرعي قطيعه . بذراعه يجمع الحملان وفي حضنه يحملها ويقود المرضعات " (إش10:40- 11) . وقد قال السيد المسيح عن نفسه بفمه الطاهر " أنا هو الراعي الصالح . والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف " (يو11:10) . هذه الخراف التي كان يتكلم عنها هي خراف بيت إسرائيل وخراف العالم كله الضالة . كذلك قال " ولي خراف أخر ليست من هذه الحظيرة ينبغي أن آتي بتلك أيضا فتسمع صوتي وتكون رعية واحدة وراع واحد " (يو16:10) . فالمسيح له المجد قد جاء من أجل فداء وخلاص البشرية كلها يهود وأممين ، من كل لون وجنس .
السيد المسيح له المجد هو الراعي وهو الحمل ، هو الكاهـن وهو الذبيحــة      " جعل نفسه ذبيحة إثم " (إش10:53) ، لأن " الرب وضع عليه إثم جميعنا " (إش6:53) .
من فضائل القديس يوسف النجار الأمانة التامة والصبر في تحمل المشاق ومتاعب السفر من أجل أن يتمم مشيئة الله بدون كلل أو ملل أو تذمر . فقد سافرت العائلة المقدسة من بيت لحم إلي أرض مصر وكانت وسيلة السفر هي حمار . تحملوا خلال هذه الرحلة حر النهار وبرد الليل والأعاصير والأمطار والحيات والعقارب والثعابين والوحوش الضارية وقطاع الطريق واللصوص خلال عبورهم صحراء سيناء الجرداء .  وقد كان حضور رب المجد يسوع المسيح إلي أرض مصر بناء علي ظهور ملاك الرب ليوسف في حلم قائلا "قم خذ الصبي وأمه واهرب إلي أرض مصر وكن هناك حتي أقول لك . لأن هيرودس مزمع أن يطلب الصبي ليهلكه . فقام وأخذ الصبي وأمه ليلا وانصرف إلي مصر . وكان هناك إلي وفاة هيرودس " (مت 13:2-14 ) . وحضور ربنا يسوع المسيح إلي أرض مصر كان لكي يبارك مصر وشعبها ، كنبوة إشعياء النبي القائلة " مبارك شعبي مصر وعمل يدي أشور وميراثي إسرائيل " (إش 25:19) .
كانت الحضارة المصرية القديمة حضارة عريقة امتزجت بالحضارات الأخري مثل الحضارة الرومانية واليونانية وغيرهما ، لذلك كانت في مصر في ذلك الوقت عبادات لآلهة وثنية غريبة ولكل منها أصنامها كقول المرنم في المزمور " لأن الرب عظيم وحميد جدا مهوب هو علي كل الآلهة . لأن كل آلهة الشعوب أصنام " (مز4:96-5) . بدخول رب المجد يسوع إلي أرض مصر ارتجفت الأصنام وسقطت علي الأرض وتحطمت تحقيقا لنبوة إشعياء النبي " وحي من جهة مصر . هوذا الرب راكب علي سحابة سريعة وقادم إلي مصر فترتجف أوثان مصر من وجهه ويذوب قلب مصر داخلها " (إش1:19). وهذه السحابة السريعة ترمز لأمنا القديسة العذراء مريم التي حملته في أحضانها إلي أرض مصر .
كان حضور رب المجد يسوع إلي أرض مصر لكي يحطم مملكة الشيطان المنتشرة بها ، ويباركها بوضع اللبنة الأولي لانتشار المسيحية في كل ربوعها. وقد تمت بكرازة القديس مار مرقس الرسول كنبوة إشعياء النبي " في ذلك اليوم يكون في أرض مصر خمس مدن تتكلم بلغة كنعان وتحلف لرب الجنود يقال لإحداها مدينة الشمس . في ذلك اليوم يكون مذبح للرب في وسط أرض مصر وعمود للرب عند تخومها . فيكون علامة وشهادة لرب الجنود في أرض مصر . لأنهم يصرخون إلي الرب بسبب المضايقين فيرسل لهم مخلصا ومحاميا وينقذهم . فيعرف الرب في مصر ويعرف المصريون الرب في ذلك اليوم ويقدمون ذبيحة وتقدمة وينذرون للرب نذرا ويوفون به " (إش18:19-21) . لقد تمت هذه النبوة بكاملها فقد بنيَ مذبح للرب في كنيسة السيدة العذراء بدير المحرق بمدينة أسيوط وهي في وسط القطر المصري .
كما أن " عمود للرب عند تخمها " يشير ويرمز إلي عمود القديس مرقس الرسول عند تخوم مصر الشمالية في الإسكندرية . العمود الحقيقي الذي بدأ مع القديس مرقس الرسول واستمر إلي يومنا هذا مارا بالقديس أثناسيوس الرسول والقديس كيرلس عمود الدين ، كما فسره نيافة الحبر الجليل الأنبا بيشوي مطران دمياط وكفر الشيخ والبراري ورئيس ديرالقديسة دميلنة ببراري بلقاس.   نجد أيضا في هذه النبوة إشارة واضحة وصريحة لسر الإفخارستيا " ويقدمون ّذبيحة وتقدمة وينذرون للرب نذرا ويفون به " . ما أعظم دقة الوحي الإلهي ، فالذبيحة والتقدمة جاءت في صورة المفرد ، لأننا في العهد الجديد نقدم ذبيحة وتقدمة واحدة وهي الجسد الطاهر والدم الذكي الكريم الذي لرب المجد يسوع المسيح علي الصليب في أعراض الخبز وعصير الكرمة والماء. لذلك دعي السيد المسيح له المجد رئيس كهنة علي رتبة طقس ملكي صادق الذي قدم قربانا من الخبز والخمر عندما بارك أبونا إبراهيم (تك18:14-20) .
لقد عانت العائلة المقدسة كثيرا أثناء وجودها في مصر ، فكانت في إحتياج شديد وفقر مادي . وأثناء ترحالهم ، كانت هناك بعض العائلات في مصر تقبلهم وترحب بهم ، وكانت عائلات ’اخر ترفضهم وتغلق الأبواب في وجوههم . ولكن وجود ربنا يسوع المسيح في وسطهم كان يعطيهم سلاما وطمأنينة ويسد احتياجاتهم .
بهروب العائلة المقدسة إلي مصر بناءا علي كلام ملاك الرب للقديس يوسف النجار في حلم (مت13:2-14) ، ونجاة ربنا يسوع من مذبحة أطفال بيت لحم ( مت 16:2-18) ، ظن الملك هيرودس واليهود أنه قد قضي علي " المولود ملك اليهود " (مت2:2) الذي جاء اليه المجوس باحثين عنه لكي يسجدوا ويتعبدوا له ويتباركوا به . ظنوه قد ذبح مع أطفال بيت لحم وأنه غير موجود وهو الخالق لكل الوجود ، ولكن يسوع المسيح ربنا كان ينمو ويتقوي كما هو مكتوب في إنجيل معلمنا القديس لوقا البشير " كان الصبي ينمو ويتقوي بالروح ممتلئا حكمة وكانت نعمة الله عليه " (لو40:2) .
كان هروب العائلة المقدسة إلي أرض مصر ثم عودتها إلي الناصرة بالجليل (مت 22:2-23 ) تعليم لنا كي لا نواجه الشر ولا ننتقم لأنفسنا ، بل الأفضل أن نهرب من وجه الأشرار .  والكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد يذكر بعض شخصيات هربت من وجه الشر . فمثلا هرب يعقوب من وجه أخيه عيسو بعد ان أخذ البكورية بمكر من ابييه (تك35:27) ، وقد غير الله إسمه من يعقوب إلي إسرائيل (تك28:32) ، كذلك هرب داود مرنم إسرائيل الحلو من وجه شاول الذي كان يطارده ليقتله  وقد أصبح داود فيما بعد داود النبي والملك وهو كاتب معظم سفر المزامير.  كما هرب يوسف من إمرأة فوطيفار وترك ثوبه في يدها وهرب وخرج إلي خارج (تك12:39) ، وقد أصبح فيما بعد الرجل الثاني بعد فرعون مصر . أيضا هرب معلمنا القديس بولس الرسول من الملك الحارس في زنبيل من علي السور (2كو28:32) .
وكما كان أبناء هارون الكاهن لا يبدأون خدمتهم الكهنوتية في خيمة الإجتماع إلا بعد بلوغهم سن الثلاثين حسب الشريعة . أيضا الصوت الصارخ في البرية (يو23:1) معلمنا القديس يوحنا المعمدان لم يبدأ خدمته لإعداد طريق الرب بالمناداة بالتوبة إلا بعد بلوغه سن الثلاثين عاما . كذلك ربنا يسوع المسيح علمنا الخضوع للوصية ، ولم يبدأ خدمته الجهرية إلا عند بلوغه الثلاثين من تاريخ ظهوره بالجسد (لو23:3) متمما بذلك الناموس وواضعا نفسه بإرادته التامة تحت الناموس مع أنه هو فوق الناموس وواضعه . كان ذلك  عندما ذهب ربنا يسوع المسيح إلي معلمنا القديس يوحنا المعمدان ليعتمد منه في نهر الأردن " فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء . وإذا السموات انفتحت له فرأي روح الله نازلا مثل حمامة وآتيا عليه . وصوت من السموات قائلا هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت " ( مت 16:3- 17، لو21:3-22) ، لذلك يطلق عليه عيد الظهور الإلهي للأقانيم الثلاثة ، فالإبن في الماء والروح القدس نازلا عليه مثل حمامة والآب في السماء يقول "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت ". والسبب في عماد ربنا يسوع المسيح بمعمودية يوحنا المعمدان ، هو لكي ’يظهر ربنا يسوع المسيح لإسرائيل ، كقول معلمنا يوحنا المعمدان " وأنا لم أكن أعرفه. لكن ليظهر لإسرائيل لذلك جئت أعمد بالماء . وشهد يوحنا قائلا إني قد رأيت الروح نازلا مثل حمامة من السماء فاستقر عليه . وأنا لم أكن أعرفه . لكن الذي أرسلني لأعمد بالماء ذاك قال لي الذي تري الروح نازلا ومستقرا عليه فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس . وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله"  (يو 31:1-34) . فالمسيح له المجد ليس محتاج إلي معمودية التوبه ، لأنه قال عن نفسه" من منكم يبكتني علي خطية " (يو46:8) . وقد رأيت أن أوضح أن معلنا القديس يوحنا المعمدان كذلك القديس يوسف النجار لم ينالوا المعمودية مثلهم في ذلك مثل كل أنبياء وابرار العهد القديم الذين ماتوا علي الرجاء .  بعدها ’جرب ربنا يسوع المسيح من إبليس (مت1:4) ثم بدأ كرازته بالفداء والخلاص وملكوت السموات والحياة الأبدية .                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                        
السيد المسيح هو الله الظاهر في الجسد الذي تجسد في ملئ الزمان من الروح القدس ومن القديسة العذراء كل حين مريم كما هو مكتوب " ولكن لما جاء ملئ الزمان أرسل الله ابنه مولودا من إمرأة مولودا تحت الناموس . ليفتدي الذين تحت الناموس لننال التبني " (غل 4:4-5) ، أيضا عظيم هو سر التقوي الله ظهر في الجسد " (1تي16:3) . وفيما يلي بعض الآيات الدالة علي أزليته وأبديته :-
" ... . أنا هو . أنا الأول والآخر ويدي أسست الأرض ويميني نشرت السموات . أنا أدعوهن فيقفن معا . ... . تقدموا إليً إسمعوا هذا . لم أتكلم من البدء في الخفاء . منذ وجوده أنا هناك والآن السيد الرب أرسلني وروحه " (إش 12:48-13ن16) . ونجد هنا الاسم " أنا هو " ولم يقل أنا كنت أو أنا سأكون ، لأنه هو السرمدي غير المتغير " يسوع هو هو أمسا واليوم وإلي الأبد " (عب8:13) .  وقد قال المسيح له المجد مرارا وتكرارا عن نفسه " أنا هو " ففي إنجيل معلمنا يوحنا البشير وحده ذكرت ثلاثة عشر مرة :-
-         " أنا هو خبز الحياة " (يو 35:6، 41، 48 ،50 ،51) .
-         " أنا هو نور العالم " (يو12:8) .
-         " أنا هو الباب " (يو9:10) .
-         " أنا هو الراعي الصالح " (يو11:10) .
-         " أنا هو القيامة والحياة "(يو25:11) .
-         " أنا هو الطريق والحق والحياة " (يو6:14) .
-         " فقال لهم أنا هو لا تخافوا " (يو20:6) .
-         " لأنكم إن لم تؤمنوا أني أنا هو تموتون في خطاياكم " (يو24:8) .
-         " متي رفعتم ابن الإنسان تفهمون أني أنا هو " (يو28:8) .
 وكلمة " سرمدي " تعني " أزلي أبدي " أي لا بداية أيام ولا نهاية أيام له .
من فضائل القديس يوسف أنه كان بمثابة خادم للطفل بالجسد مخلصنا يسوع المسيح وأمه القديسة العذراء مريم الدائمة البتولية ، ينفذ كل ما يقوله له ملاك الرب بدقة تامة ، فكان خادما لله الآب من أجل إتمام نبوات العهد القديم . هذا القديس العظيم كان موجودا وعاين ميلاد ملك المجد ربنا يسوع المسيح عندما ولدت السيدة العذراء كل حين مريم " ابنها البكر وقمطته وأضجعته في المزود"  (لو7:2) ، وكم كانت فرحته وغبطته وسروره عندما كان يحمل علي يديه الله المتجسد ملك الملوك ورب الأرباب  مخلصنا يسوع المسيح .
من ضمن فضائل القديس يوسف أنه كان قنوعا راضيا بما يقسم له الله من رزق ويعيش بما يكفي لقوت العائلة المقدسة ، فهو خادم سر التجسد الإلهي الأمين . وكانت أمنا العذراء مريم التي إرتضت حياة العفة والكفاف منذ حداثتها مستريحة في بيت يوسف النجار البسيط ، كذلك ربنا يسوع في قبوله لوجوده بالجسد في منزل يوسف الصديق البسيط  وبدون أية إمكانيات مادية هو تطبيقا عمليا وواقعيا علي ما قاله بفمه الطاهر " ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه. أو ماذا يعطي الإنسان فداءا عن نفسه " (مت 26:16).
كان للقديس يوسف إيمان قوي بالله ، لذلك خدم سر التجسد الإلهي بكل ما عنده من قوة وقدرة ، متحملا في ذلك متاعب السفر والترحال من مكان لآخر ومن قرية لأخري وهو شيخ مسن في العقد التاسع من عمره ، فالله " يعطي المعي قدرة ولعديم القوة يكثر شدة . الغلمان يعيون ويتعبون والفتيان يتعثرون تعثرا . وأما منتظروا الرب فيجددون قوة . يرفعون أجنحة كالنسور . يركضون ولا يتعبون يمشون ولا يعيون " إش 29:40-30) .

البـــاب الثـــالث

القديـس يوسـف النجـار والطـفــل قدوس القد يسين  

قام القديس يوسف النجار بأخذ المسئولية التي اؤتمن عليها من قبل الله كاملة ، من أجل حماية القديسة دائمة البتولية مريم والقدوس المولود منها من أقاويل الناس واتهاماتهم الباطلة ونظراتهم الشريرة . فكان هو بعد الله الآب ، المسئول والعائل الوحيد لهما أدبيا وماديا واجتماعيا المعين من قبل الله طوال أيام حياته علي الأرض ، وكانت قوة العلي تظللهما . كان القديس يوسف يعمل نجارا (مت55:13) لإطعام وسد احتياج هذه العائلة المقدسة ، وكان ذلك شرف جزيل وبركة عظيمة للقديس يوسف أن يأكل ربنا يسوع المسيح وأمه القديسة الطاهرة العذراء مريم من تعبه وعرق جبينه وكد يديه .
إذا كانت القديسة العذراء مريم هي الخادمة الأولي لسر التجسد الإلهي لأنها هي التي حملته تسعة أشهر في أحشائها وهي التي أرضعته من لبنها ، وأطعمته بيديها ، وكانت يسهر علي كل أموره الحياتية ، فإن القديس يوسف يعتبر أيضا خادما لسر التجسد الإلهي لأنه جاهد وناضل وكافح وتعب وتحمل ألكثير ، فكان الحارث الأمين والخادم الوفي الذي وهو شيخ مسن بذل كل جهد ليوفر كل سبل الراحة والطمأنينة للسيدة العذراء والقدوس المولود منها .
وكم كانت سعادة القديس يوسف والسيدة العذراء دائمة البتولية مريم عندما كان الطفل ربنا يسوع له المجد  يكبر وينمو جسديا أمام أعينهما ممتلأ حكمة ونعمة كقول الكتاب " وكان الصبي ينمو ويتقوي بالروح ممتلئا حكمة وكانت نعمة الله عليه"  (لو40:2 ) ، كذلك  " وأما يسوع فكان يتقدم في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس " (لو52:2) . كم كانت سعادتهما عندما بدأ القديس يوسف يعلمه الكلام فكان ربنا يسوع ينطق الكلام بطريقة وبنبرات القديس يوسف ، وكان عندما يبتسم للأطفال الصغار والفقراء ، كانت ترتسم علي شفتيه نفس ابتسامة أمه العذراء مريم الوديعة . إن مسئولية الأسرة هي تعليم الأولاد ، وهنا نجد أن القديس يوسف البار لم يتهرب من هذه المسئولية وكانت القديسة الطاهرة مريم تساعده في ذلك . فقد ساعد القديس يوسف ربنا يسوع وهو طفل في الناسوت تعلم القراءة والكتابة إلي جانب مدرسة الناصرة في سن مبكر ، وبعد ذلك كان يعلمه القراءة في أسفار العهد القديم وهو في السنة العاشرة من تاريخ ظهوره في الجسد  شأنه في ذلك شأن الأطفال اليهود ، لذلك نجده " لما كانت له اثنتا عشرة سنة صعدوا إلي أورشليم كعادة العيد . ...  . وبعد ثلاثة أيام وجداه في الهيكل جالسا في وسط المعلمين يسمعهم ويسألهم . وكل الذين سمعوه بهتوا من فهمه وأجوبته " (لو42:2-47) . أيضا علم القديس يوسف ربنا يسوع وهو صبي في الناسوت حرفة النجارة ،وكان يساعده حتي يوم نياحته حيث كان ربنا يسوع المسيح في السادسة عشرة من تاريخ ظهوره في الجسد . بعدها تولي ربنا يسوع العمل في النجارة بمفرده (مر3:6) حتي تاريخ عماده من معلمنا القديس يوحنا المعمدان في الأردن (مر9:1-11)، وقبل أن يبدأ ربنا يسوع المسيح في عمله الكرازي ببشارة الملكوت والحياة الأبدية ، كان يقتاد بالروح في البرية أربعين يوما يجرب من ابليس (لو2:4) .
لم تكن حرفة النجارة التي يمارسها القديس يوسف هي عمل البراوز الخشبية ، لكنها كانت حرفة فنية هندسية . فكان النجار يقوم بعمل الأبواب وحلقها الخشبي وأقفالها الخشبية وكذلك أسقف منازل الأثرياء المدعمة بالأعمدة والجمالونات الخشبية . كذلك بعض الأساس ، مثل خزنة الملابس وهي عبارة عن صندوق خشبي له غطاء خشبي نصف اسطواني يستخدم في حفظ ملابس العروسين ، وكذلك السرير الخشبي والمنضدة والكراسي الخشبية والقاعدة الخشبية للمصابيح الزيتية وغيرها . يستخدم في تصميمها المسطرة لقياس الأبعاد وكذلك الزاوية القائمة والشاكوش والمنشار والفأس والفارة وباقي أدوات النجارة . وكان النجار يجب أن يكون ملما بكل أنواع الأخشاب وكيفية التعامل معها . وقد أعطي القديس يوسف كل خبرته العملية بأمانة وصدق لربنا يسوع ودربه حتي أصبح نجارا ماهرا يدقن عمله والذي بدأ يزاوله بمفرده بعد نياحة القديس يوسف ، لكي يكسب خبزه اليومي بعرق جبينه .
عندما بدأ ربنا يسوع المسيح كرازته التبشيرية كانت تعاليمه الإلهية السامية تعاليم تخاطب الضمير والإحساس والوجدان من أجل النهوض بالإنسانية في معرفة الله المعرفة الحقيقية والحياة معه في توبة دائمة ، وكان يتخلل تعاليمه الإلهية كثير من الأمثال من واقع الحياة اليومية التي يعيشها الناس . لأن الأمثال دائما تكون سهلة الفهم للمثقفين والجهال ، الكبار والصغار ، الأغنياء والفقراء ، وتثبت في الأذهان ، فهي تطبيقا عمليا لواقع الحياة اليومية المعاشة.
في خلال هروب العائلة المقدسة إلي مصر، قطعت عدة آلاف من الأميال واستغرقت عدة شهور لكي تهرب من بين لحم إلي أرض مصر . وكانت تنتقل من قرية إلي أخري هربا من جنود هيرودس الملك. فجابت خلال الوجه البحري ثم انتقلت إلي الوجه القبلي حتي وصلت جبل قسقام غرب أسيوط . ولكي أوضح مقدار ما واجهه القديس يوسف النجار الشيخ المسن من متاعب وجدت أن أخصص الباب التالي عن هروب العائلة المقدسة إلي أرض مصر مدعما بالخرائط . وقد توخيت الحذر الشديد في أن أقدم معلومات موثقة ومن مصادر موثوق بها .



البــاب الرابــع

هـروب العــائلــة المقـدســة إلي أرض مصــر

إن هروب ربنا يسوع ووالدته العذراء مريم والقديس يوسف النجار ومعهم سالومي من وجه هيرودس الملك كان بناء علي أمر ملاك الرب للقديس يوسف النجار في حلم قائلا " قم وخذ الصبي وأمه واهرب إلي أرض مصر وكن هناك حتي أقول لك ، لأن هيرودس مزمع أن يطلب الصبي ليهلكه"  (مت13:2) . لم يكن هروبهم ضعفا ، بل كان لكي يعلمنا درسا في حياتنا وهو أن نهرب (نش14:8) من وجه الشر والأشرار ، ولا نصطدم بهم ، ولا نقاوم الشر بالشر . نبتعد عن أماكن الشر ونترك الأمر لله ، كوعده الصادق الأمين  " الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون " (خر14:14) ، كذلك قوله " لأنه مكتوب لي النقمة أنا أجازي يقول الرب " (رو19:12 ) .
لقد تحمل القديس يوسف النجار كامل مسئولية البشرية أثناء هروب العائلة المقدسة من بيت لحم إلي أرض مصر مرورا بصحراء سيناء ومدن كثيرة بالوجه البحري ، كذلك مدن كثيرة بالوجه القبلي كما هو موضح بالخرائط المرفقة . فقد كان هو الحارس الأمين علي سلامة الصبي ربنا يسوع ووالدته  القديسة العذراء كل حين مريم وابنة خالتها سالومي . كما كان أيضا هو الرجل الوحيد العائل لهذه العائلة المقدسة ماديا وأدبيا واجتماعيا طوال فترة حياته . كان يعمل نجارا (مت55:13) لسد إحتياج هذه العائلة المقدسة .
كان لا بد لهذه العائلة المقدسة أن لا تسلك الطرق المألوفة التي يسلكها المسافر من أرض فلسطين إلي أرض مصر ، بل كان لا بد لها أن تسلك طرقا وعرة ، لكي تتجنب مواجهة جنود هيرودس الملك . وكانت وسبلة سفرهم حمار واحد محمل ببعض المؤن البسيطة من ملبس وغذاء وقربة ماء للشرب ، وكانت السيدة العذراء تمتطي هذا الحمار وهي حاملة علي ذراعيها ربنا يسوع طفلا ابن عامين من تاريخ ظهوره بالجسد (3) ، والقديس يوسف يسير بجانبها ممسكا بمقود الحمار . كما أن المصادر الكنسية التاريخية (4) تدل علي أن العائلة المقدسة دخلت أرض مصر عن طريق صحراء سيناء من ناحية الفارما التي كانت تعرف باليونانية بيلوزيوم وتسمي الآن التينة وهي تقع بين مدينتي العريش وبور سعيد ، وأتوا أولا إلي مدينة بسطة وهي الآن تدعي تل بسطة بالقرب من الزقازيق (5) محافظة الشرقية ، وكان ذلك في الرابع والعشرين من شهر بشنس المبارك . هناك جلسوا تحت شجرة خارج المدينة ليستظلوا تحتها من وهج الشمس وحرارتها ، وأنبع السيد المسيح عين ماء ليرتوا منها وملأوا قربتهم الفارغة . وحدث أن مر بهم رجلا من أهل البلدة قادم من خارجها واسمه قلوم فلما رآهم تكلم معهم وعرف قصتهم وتملكه العجب عندما رأي ينبوع المياه بجانبهم حيث أنه يعرف المكان جيدا ودعاهم إلي منزله وأكرم ضيافتهم (6) . ومكثوا عنده عدة أيام ، وحدث أن خرجت القديسة مريم حاملة طفلها ربنا يسوع  إلي المدينة وصارت في شوارعها وإذا بأصنام المدينة تسقط علي الأرض وتتهشم وهربت منها شياطينها . ويقال أن أوثان مصر انكفأت علي الأرض وتهشمت عندما حل كلمة الله المتجسد ، كما انكفأ قديما صنم الإله داجون علي وجهه إلي الأرض أمام تابوت العهد                ( 1صم3:5). ولما علمت الكهنة أنه توجد قوة في هذا الطفل وان مصدر رزقها من خدمة الأصنام سينتهي ، ذهبوا إلي والي المدينة فغضب وأمر بقتل الصبي الذي تسببت قوته في تدمير الأصنام .  ولما علم قلوم أن الوالي يطلب الصبي ليقتله أخبر العذراء مريم والقديس يوسف ، فهربت العائلة المقدسة إلي بلدة المحمة .  هناك وجدوا شجرة فمكثوا عندها أياما ، وغسلت السيدة العذراء مريم ملابس السيد المسيح طفلا وأحمته فسمي المكان بالمحمة وهي الآن بلدة مسطرد . وقد بنيت فيما بعد كنيسة في هذا المكان بإسم العذراء مريم لا تزال قائمة إلي اليوم ويقصد إليها الزوار (4) . وقد قام البابا مرقس الثالث البابا الثالث والسبعين من باباوات الإسكندرية بتدشينها في اليوم الثامن من شهر بؤونه لسنة 901 ش الموافق 1185م . وقيل أنه صار من تقليد الآباء البطاركة،  أن البطريرك يقيم القداس في هذه الكنيسة في يوم 21 من شهر طوبة المبارك من كل عام وهو عيد نياحة القديسة العذراء مريم (7) . هذا وقد رجعت العائلة المقدسة إلي المحمة والمعروفة الآن بمسطرد التي كانت تسمي قديما منية صراد بعد أن مرت بالمطرية في طريق العودة من جبل قسقام،  حيث يوجد الآن دير العذراء المعروف بالدير المحرق بمدينة أسيوط ، في طريق عودتها إلي فلسطين ، فعندما مات هيرودس الملك ظهر ملاك الرب في حلم للقديس يوسف النجار وهو في جبل قسقام وقال له " قم وخذ الصبي وأمه واذهب إلي أرض إسرائيل . لأنه مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبي . فقام وأخذ الصبي وأمه وجاء إلي أرض إسرائيل " (مت 20:2-21) .
ومن المحمة رحلت العائلة المقدسة إلي بلبيس ، ويروي التقليد أن في بلبيس شجرة استظلت تحتها العائلة المقدسة ، لذلك أطلق عليها اسم شجرة العذراء مريم ، يجلها المسيحيون والمسلمون علي السواء . ويروي أن عسكر نابليون بونابارت (1821 -1769 م) عندما مروا ببلبيس أرادوا أن يقتطعوا من هذه الشجرة بعض الأغصان ليستخدموها وقودا لطبخ طعامهم ، فلما ضربوها بالفأس أول ضربة بدأت تدمي ، فارتعب العسكر ولم يجرؤوا بعد ذلك علي أن يمسوها  بسوء (2) .
تركت العائلة المقدسة بلبيس ، وذهبوا إلي مدينة جناح ومنها إلي مدينة ميت سمنود أو سمنود التي كانت تعرف في اللغة المصرية القديمة باسم ( دب نثر أي هيكل الله ) وقد شيدت كنيسة في هذا المكان الذي أقامت فيه العائلة المقدسة باسم السيدة العذراء ، وبعد أن تهدمت أقيمت علي أنقاضها الكنيسة الحالية المكرسة باسم القديس أبانوب . ويقول المسيحيون في سمنود انه كان في وقت ما عند شرقية الكنيسة (4) بئر أنبعه السيد المسيح وباركه . بعد سمنود ذهبوا إلي البرلس ، ثم عبروا فرع النيل إلي الجهة الغربية  إلي مدينة سخا إيسوس وحاليا هي مدينة سخا في مركز كفر الشيخ وقديما كانت تسمي خاست . وهناك أثر قيل أنه حجر من قاعدة عمود وقف السيد المسيح عليه فانطبع أثر قدميه علي الحجر فسمي المكان كعب يسوع ، وكان الناس يأتون من كل مكان من داخل وخارج مصر ويضعون زيتا في موضع القدم ويحملونه إلي أرضهم وينتفعون به في عمل معجزات شفاء ، وقد أفادنا نيافة الحبر الجليل الأنبا بولا أسقف الغربية وتوابعها وسكرتير مجلس الأحوال الشخصية أثناء زيارته الأخيرة لسيدني قي الفترة من 17-1-2012 إلي 23-1-2012 أنه اكتشف أخيرا هذا الحجر من قاعة عمود والمطبوع عليه أثر قدمي يسوع ومنه حدثت معجزات شفاء كثيرة  . وقد بنيت في نفس البقعة كنيسة باسم السيدة العذراء مريم وبجوارها مغطس . ويضم الكنيسة والمغطس دير ظل عامرا بالرهبان إلي نهاية القرن الثاني عشر الميلادي سمي بدير المغطس ذكره الشيخ المؤتمن أبو المكارم سعد الله بن جرجس بن مسعود أنه في جهة منية طانة بالغربية .
ثم سارت العائلة المقدسة إلي الغرب في مقابل وادي النطرون ، وقد أصبحت هذه المنطقة فيما بعد عامرة بالأديرة والرهبان .
بعد ذلك اتجهت العائلة المقدسة إلي أون أو عين شمس في المكان المعروف حاليا بالمطرية ، التي كانت مشهورة في مصر القديمة بجامعتها العريقة . وهناك استظلوا تحت شجرة تعرف إلي اليوم بشجرة مريم ، وهناك أنبع ربنا يسوع عين ماء وشرب منه وباركه ، وغسلت العذراء مريم ملابس ربنا يسوع وصبت ماء الغسيل علي الأرض فنبت في تلك البقعة نبات عطري ذو رائحة جميلة يسمي البلسم أو البلسان ، يستخدمونه في صنع اليرون المقدس بعد طبخة مع بعض الزيوت والأعشاب والنباتات العطرية الأخري وأثناء طبخه لمدة ثلاث أيام يقدسونه بالصلوات ويستعملونه في تدشين الكنائس ومشتملاتها،  وفي الطقوس الدينية الأخري .
ومن هناك ساروا جنوبا إلي الفسطاط في المنطقة المعروفة ببابليون مصر القديمة ، وسكنوا المغارة التي توجد الآن بكنيسة القديس سرجيوس أو أبي سرجه ويبلغ طول المغارة عشرين قدما وعرضها خمسة عشر قدما ، وليست بها نوافذ . وتعد هذه الكنيسة من أقدم الكنائس التي بنيت في مصر . وقد تهدمت فيما بعد فقام بترميمها نحو سنة 1073 م ابن السرور يوحنا بن يوسف  المعروف بابن الأبح ، كاتم سر الخليفة المستنصر الفاطمي 1036 -1094 م . ولم يستطيعوا البقاء في بابليون إلا أياما لا تزيد عن أسبوع ، لأن الأوثان تحطمت أمام ربنا يسوع وهربت منها شياطينها ، الأمر الذي أثار والي الفسطاط فأراد قتل الصبي يسوع بعد أن تبين له أنه بسببه حدث ما حدث للأصنام . فسارت العائلة المقدسة إلي منف أو ممفس التي كانت عاصمة مصر قديما وكان إسمها باللغة المصرية القديمة " من نفر" ومعناها " المقبرة الجميلة أو الميناء الجميل " .  
بعد ذلك أقلعت العائلة المقدسة إلي صعيد مصر في مركب شراعي بالنيل من تلك البقعة المقام عليها الآن كنيسة العذراء بالمعادي ، حتي وصلوا إلي بقعة شرقي البهنسا بمركز بني مزار تسمي " أباي أيسوس " أي " بيت يسوع " ، أقاموا فيها أربعة أيام ، كما يروي القديس قرياقوس أسقف البهنسا في عظة له باللغة القبطية وجدت مكتوبة علي ورق البردي . وقد بنيت في هذه البقعة كنيسة .  وفي القرن الخامس للميلاد زاد عدد كنائسها عن اثني عشرة كنيسة وكان بها أديرة كثيرة للرجال بلغ عدد رهبانها عشرة ألاف راهب ، وأديرة للبنات قدر عدد راهباتها باثني عشرة ألف راهبة  .
ثم عبرت العائلة المقدسة بعد ذلك النيل إلي شاطئه الشرقي وجاءوا إلي المنطقة المعروفة " بجبل الطير " بالقرب من " سمالوط " . ويروي المؤرخ أبو المكارم أنهم وهم مسافرون في النيل ، كادت صخرة كبيرة من الجبل أن تسقط عليهم ، وذلك بفعل امرأة ساحرة ، فذعرت مريم العذراء ، لكن ربنا يسوع مد يده ومنع الصخرة من السقوط ، وانطبعت كفه علي الصخر وصار الجبل بعد ذلك يعرف ب "جبل الكف "  ، وقد بنت بعد ذلك الملكة هيلانة كنيسة باسم العذراء مريم في هذه المنطقة تعرف بكنيسة " سيدة الكهف " .
ومن جبل الطير رحلت العائلة المقدسة إلي " الأشمونين " بمركز ملوي علي بعد 300 كيلومتر جنوبي القاهرة . وكان اسمها باللغة المصرية القديمة          " خمنو " أي " ثمانية "  ، وذلك نظرا لأن عدد أصنام  آلهتها كانت ثمانية وكان أكبرهم هو صنم الإله " تحوت " المرموز إليه بطائر اللقلق وقد تطورت الكلمة فصارت تكتب بالقبطية " شمون "  ، وقد اندثرت المدينة القديمة وحل محلها مدينة اخري بنفس الاسم ، لذلك سميت المدينة الجديدة " أشمونين " أي    " أشمون الثانية " ، وفي العهد اليوناني البطلمي سميت " هيرموبوليس " ويقول المؤرخ سوزومينوس الذي عاش في النصف الأول من القرن الخامس الميلادي في كتابه " تاريخ الكنيسة " أنه كان في الأشمونين شجرة تسمي بيرسا وهي من نوع شجر الغار، انحنت إلي الأرض بمجرد اقتراب ربنا يسوع من المدينة ، رغم علوها . وفي نفس الوقت انكفأت جميع أوثان الأشمونين علي وجهها . وفي الأشمونين صنع ربنا يسوع معجزات وعجائب كثيرة من إقامة موتي وأخرج شياطين وشفاء أمراض  كثيرين .
من الأشمونين ذهبت العائلة المقدسة إلي قرية تسمي " فيليس " وهي الآن      "ديروط الشريف " وتبعد عن الأشمونين جنوبا بنحو عشرين كيلومترا ، وهي علي الضفة الغربية لنهر النيل ، وقد أقاموا في هذه القرية أياما ، ثم اتجهوا إلي القوصية القديمة وكانت تسمي باللغة المصرية القديمة " قوست " فلم يرحب أهلها بهم وطردوهم عندما رأوا معبودهم تمثال البقرة حتحور التي ترمز للإله إيريس تسقط علي الأرض وتتحطم  ، فهربت العائلة المقدسة إلي قرية         " ميرة " وهي علي بعد ثمانية كيلومتر شرقي " نزالي جنوب " التي هي الآن " مير" . ومن " مير " ذهبوا إلي جبل قسقام حيث يوجد الآن دير السيدة العذراء الشهير بالمحرق وهو يبعد نحو إثني عشرة كيلومترا غرب بلدة القوصية الحالية بمحافظة أسيوط وعلي بعد 327 كيلومترا جنوبي القاهرة وثمانية وأربعون كيلومترا شمال مدينة أسيوط .
في دير المحرق وفي الجهة الغربية منه توجد الكنيسة الأثرية ، وهي تعد أقدم كنيسة في مصر كلها ، وهيكلها هو نفس المغارة التي سكنتها العائلة المقدسة والتي أقامت فيها ستة أشهر وعشرة أيام (4) ، وهي أطول مدة أقامتها العائلة المقدسة في مكان واحد طوال رحلتها التي تنقلت فيها من مكان لآخر . ويقول المؤرخ المقريزى تحت اسم الدير المحرق " يزعم النصاري أن المسيح عليه السلام أقام في موضعه سته أشهر وأياما " .
وتزعم كل المصادر الكنسية والتاريخية علي أن منطقة دير المحرق في جبل قسقام هي آخر بقعة في صعيد مصر زارتها العائلة المقدسة في رحلة هروبها التاريخية من الشمال إلي الجنوب . وأنه هناك رأي القديس يوسف النجار الحلم الذي أعلمه فيه الملاك بموت هيرودس الملك كقول الكتاب " فلما مات هيرودس إذا ملاك الرب قد ظهر في حلم ليوسف في مصر قائلا . قم خذ الصبي وأمه واذهب إلي أرض إسرائيل . لأنه قد مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبي . فقام وأخذ الصبي وأمه وجاء إلي أرض إسرائيل . ولكن لما سمع أن أرخيلاوس يملك علي اليهودية عوضا عن هيرودس أبيه خاف أن يذهب إلي هناك . وإذا أوحي إليه في حلم إنصرف إلي نواحي الجليل . وأتي وسكن في مدينة يقال لها الناصرة . لكي يتم ما قيل بالأنبياء إنه سيدعي ناصريا " (مت 19:2-23) . ويقول نيافة الحبر الجليل المتنيح الأنبا غريغوريوس ( لم يذكر الإنجيل اسم الملاك واكتفي بالقول " فلما مات هيرودس أذا ملاك الرب قد ظهر في حلم ليوسف في مصر. ..."(مت19:2)، ولكن بعض المصادر الكنسية (8&9) ذكرت أنه رئيس الملائكة غبريال ) .  أيضا يذكر نيافته " في إعتقادنا أن مدة إقامة العائلة المقدسة في مصر تزيد علي ثلاث سنوات ونصف ، وقد تصل إلي أربع سنوات  ، ولا بد أن رحلة العودة استغرقت بضعة شهور أخري منذ أن غادرت جبل قسقام بأسيوط حتي منف راس الدلتا بطريق النيل إلي مصر القديمة ومنها إلي المطرية فمسطرد وأتريب إلي طريق الشرق الذي وصل بها إلي الحدود الشمالية الشرقية مرة أخري حتي وصلت أرض فلسطين وهو الطريق العكسي الذي سلكته من فلسطين إلي جبل قسقام " (4) .
والآن نستطيع أن نفهم السبب وراء صمت القديس يوسف النجار ، وهو فرط الإعلانات السمائية التي شاهدها وسمعها وعاشها مع ربنا يسوع . فقد نال كرامة وشرفا كبيرا إذ صاحب ولازم ملازمة كاملة سيده وسيدنا كلنا رب المجد يسوع . رصد وسخر كل طاقته وكل قواه البشرية والروحية تحت قدمي الرب فاستحق أن نكرمه نحن كما كرمه الكتاب المقدس ، إذ ’ذكر أن ربنا يسوع كان خاضعا وطائعا له وللقديسة والدته العذراء مريم (لو 51:2) .
ولما حان وقت انتقال القديس يوسف من هذا العالم إلي عالم الأحياء ، بعد أن أكمل سعيه وجهاده وتعبه مع ربنا يسوع ووالدته القديسة مريم ، حضر رب المجد يسوع نياحته وأغلق عينيه بيديه الطاهرتين ودفنه ربنا يسوع في قبر أبيه يعقوب .
وقد نال أكاليل عدة كانت مجهزة له وهي إكليل البر ، إكليل التقوي ، إكليل الطاعة ، إكليل الوداعة والتواضع ، إكليل التفاني في الخدمة بأمانة ، إكليل التحمل والصبر، إكليل المحبة الصادقة الباذلة المضحية ثم إكليل الإيمان  .
بركة وصلوات وطلبات وشفاعة القديس يوسف تكون معنا أجمعين .

لقد تنيح هذا الرجل البار ودفن جسده مع بقية أترابه في القبر ، ولكن روحه الطاهرة أين ذهبت ؟  الرد علي هذا السؤال في الباب التالي .
خريطة موضح عليها أهم الأماكن التي مرت عليها العائله المقدسه في ارض مصر  The important places in Egypt visited by the Holy Family are shown in the map




Jesus Christ in Egypt خريطه رحلة الرب يسوع في مصر







الـبـــاب الـخـــامس
الحـيـــاة بـعـــد الـمـــوت

إن الكتاب المقدس يخبرنا أن الله جبل أبونا آدم من تراب الأرض ونفخ في أنفه نسمة حياة ، فصار آدم نفسا حية (تك7:2) . فالإنسان روح خالدة وجسد أرضي ترابي مائت وفاني . ومهما طال عمر الإنسان فنهايته الموت الجسدي، كقول الكتاب " فيرجع التراب إلي الأرض كما كان وترجع الروح إلي الله الذي أعطاها " (جا7:12) ، كذلك " الإنسان مولود المرأة قليل الأيام وشبعان تعبا . يخرج كالزهر ثم ينحسم ويبرح كالظل ولا يقف " (أي1:14-2) ، أيضا  " وضع للناس أن يموتوا مرة ثم بعد ذلك الدينونة " (عب 27:9) .
المجئ الثاني لربنا يسوع المسيح حقيقة مؤكدة لكي يدين ويجازي كل واحد حسب عمله (مت27:17) ، ومعلمنا متي البشير بإرشاد من الروح القدس يقول " ومتي جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس علي كرسي مجده " (مت31:25) ، ليدين الأحياء والأموات ، كذلك " وحينئذ يبصرون ابن الإنسان آتيا علي سحابة بقوة ومجد كثير " (لو27:21) .
كذلك الكتاب المقدس يعلمنا أن الموت ليس هو نهاية كل حي ، لأن هناك حياة أبدية لروح الإنسان بعد موت الجسد ، إما في نعيم أبدي أو في عذاب أبدي . ومعلمنا القديس بولس الرسول يؤكد لنا قيامة الأموات فيقول بإرشاد من الروح القدس " هوذا سر أقوله لكم . لا نرقد كلنا ولكن كلنا نتغير في لحظة في طرفة عين عند البوق الأخير . فإنه سيبوق فيقام الأموات عديمي فساد ونحن نتغير . لأن هذا الفاسد لا بد أن يلبس عدم فساد وهذا المائت يلبس عدم موت . ومتي لبس هذا الفاسد عدم فساد ولبس هذا المائت عدم موت فحينئذ تصير الكلمة المكتوبة ابتلع الموت إلي غلبة . أين شوكتك يا موت . أين غلبتك يا هاوية " (1كو51:15-55) . ومعلمنا أيوب البار يقول " أما أنا فقد علمت أن ولىً حي والآخر علي الأرض يقوم . وبعد أن يفني جسدى هذا وبدون جسدي أري الله الذي أراه أنا لنفسي وعيناى تنظران وليس آخر " (أي 25:19-27) . ويترنم معلمنا داود النبي والملك في المزمور فيقول " أما أنا فبالبر أنظر وجهك . أشبع إذا استيقظت بشبهك " (مز15:17). أما ربنا يسوع المسيح له المجد فيقول بفمه الطاهر " أنا هو القيامة والحياة . من آمن بي ولو مات فسيحيا . وكل من كان حيا وآمن بي فلن يموت إلي الأبد" (يو25:11-27) .
القيامة هي تجلي للطبيعة البشرية ممثلة في الجسد والروح معا ، لأن الجسد والروح قد إشتركا معا في كل عمل صالح أو كل عمل شرير . نقوم بأجساد روحانية نورانية سماوية ، غير قابلة للفساد (1كو42:15-49) . أجساد لا تمرض ولا تتعب ، لا تجوع ولا تعطش ، بدون غرائز ولا شهوات ، وتكون لديها سرعة الحركة من مكان لآخر . وأجساد القيامة تكون أجساد بلا عيوب ولا نقص أو تشوه في الأعضاء ، فهي أجساد كاملة ممجدة " علي صورة جسد مجده " (في 21:3) .
إذا هناك حياة أبدية للأبرار في نعيم أبدي وللأشرار في عذاب أبدي .
وبذلك يكون الموت هو إنتقال أو تغير من نوع من الحياة إلي أخري ، والكتاب المقدس يوضح بصورة جلية أنه هناك ثلاث أنواع للموت ، الأول هو الموت الروحي بإنفصال الإنسان عن الله واهب الحياة  ، كقول زكريا الكاهن " وأنت أيها الصبي نبي العلي ’تدعي لأنك تتقدم أمام وجه الرب لتعد طريقه . لتعطي شعبه معرفة الخلاص بمعرفة خطاياهم . ... ليضئ علي الجالسين في الظلمة وظلال الموت لكي يهدي أقدامنا في طريق السلام " (لو76:1-77 ، 79) . والثاني هو موت الجسد بإنفصال النفس والروح عن الجسد ، وهذه هي نهاية الجسد لكل إنسان حي علي الأرض ، أما الروح فهي حية خالدة ، ويسميه معلمنا القديس بولس الرسول " وقت الإنحلال " (2تيمو6:4) وهو يعني أنه سوف ينحل وينفك من أربطته ويتحرك من هذا العالم الأرضي إلي مكان آخر في السماء الثالثة وهو فردوس النعيم عند موته  ، كما ’تحل السفن الراسية في الموانئ لتبحر إلي أعالي البحار . أما معلمنا القديس لوقا البشير فيذكر تعليم وتعبير آخر وهو "خروج " (لو30:9-31) في حادثة التجلي علي الجبل المقدس ، ونفس التعبير قد استخدمه معلمنا القديس بطرس الرسول (2بط15:1) . فالخروج يعني خروج الروح من الجسد الفاني والإنتقال من الحياة علي الأرض إلي حياة جديدة في الفردوس للأبرار ، وفي الجحيم للأشرار ، في انتظار الدينونة العامة . كما أن معلمنا القديس بولس الرسول يقول "لأننا نعلم أنه إن نقض بيت خيمتنا الأرضي فلنا في السموات بناء من الله بيت غير مصنوع بيد أبدي . فإننا في هذه أيضا نئن مشتاقين إلي أن نلبس فوقها مسكننا الذي من السماء . وإن كنا لابسين لا نوجد عراة . فإننا نحن الذين في الخيمة نئن مثقلين إذ لسنا نريد أن نخلعها بل أن نلبس فوقها لكي يبتلع المائت من الحياة ." (2كو1:5-4)  .
والثالث هو الموت الأبدي  لأن " أجرة الخطية هي موت . وأما هبة الله فهي حيوة أبدية بالمسيح يسوع ربنا " (رؤ 8:21) ، وذلك يكون للإنسان الذي يموت في خطاياه قبل أن يعترف ويتوب إلي الله  .
وفيما يلي توضيح لمصير أرواح البشر بعد موتهم :-
أولا: منذ سقوط الشيطان ، نظرا لتكبره كما هو مكتوب " كيف سقطت من السماء يا زهرة بنت الصبح . كيف قطعت إلي الأرض يا قاهر الأمم . وأنت قلت في قلبك أصعد إلي السموات أرفع كرسي فوق كواكب الله وأجلس علي جبل الإجتماع في أقاصي الشمال . أصعد فوق مرتفعات السحاب . أصير مثل العلي . لكنك انحدرت إلي الهاوية إلي أسافل الجب " ( إش13:14-15) . كذلك " أنت الكروب المنبسط المظلل وأقمتك . علي الجبل المقدس كنت . ... فأطرحك من جبل الله وأبيدك أيها الكروب المظلل من بين حجارة النار . قد ارتفع قلبك لبهجتك . أفسدت حكمتك لأجل بهائك . سأطرحك إلي الأرض وأجعلك أمام الملوك لينظروا إليك . " (حز14:28-17) ،  صار الشيطان محبوسا في الجحيم  مقيدا ويمكنه التحرك فقط بإذن من الله ، كما هو موضح بالإصحاح الأول من سفر أيوب .
أيضا منذ سقوط أبونا الأولين آدم وأمنا حواء وطردهما من "جنة عدن" حتي صلب رب المجد يسوع المسيح  علي الصليب ، كان الجحيم هو مكان الانتظار لكل النفوس المتحدة بأرواحها من الأبرار والأشرار في أقسام الأرض السفلي.  وكان مكان انتظار الأبرار بجانب مكان انتظار الأشرار يفصل بينهم هوة عظيمة ، كما هو موضح في قصة لعازر والغني (لو19:16-31) . لذلك فإن أرواح كل الذين ماتوا علي الرجاء قد ذهبوا إلي مكان إنتظار الأبرار في الجحيم ، وهذا يجيب علي السؤال المطروح في نهاية الباب السابق . وبذلك يكون روح القديس يوسف النجار قد ذهب أولا إلي الجحيم في مكان إنتظار الأبرار ، في أحضان أبائنا إبراهيم واسحق ويعقوب .
ثانيا : عند الساعة التاسعة عندما كان ربنا يسوع المسيح معلق علي عود الصليب "  قال قد أكمل . ونكس رأسه وأسلم الروح " (يو20:19) ، وذهب بلاهوته المتحد بروحه إلي الجحيم وفتح أبواب المكان المخصص للأبرار في الجحيم وأخرج نفوس المسبيين الأبرار من آدم حتي آخر إنسان بار مات قبل أن يسلم ربنا يسوع المسيح روحه الطاهرة ووضعهم في الفردوس في السماء الثالثة ومعهم اللص اليمين ، وأصبح الفردوس في السماء الثالثة من ذلك الوقت حتي المجئ الثاني لربنا ومخلصنا يسوع المسيح هو مكان انتظار الأبرار، والأب الكاهن في القداس الإلهي يقول" نزل إلي الجحيم عن طريق الصليب" ، وهي نفس المعني في (1بط 19:3)، وألغي مكان انتظار الأبرار من الجحيم ، وبذلك يكون روح القديس  يوسف النجار قد انتقل إلي الفردوس مع باقي الأبرار وقد ضمنوا الحياة الأبدية وملكوت السماوات . وأصبح الجحيم هو فقط مكان انتظار أرواح البشر الأشرار والغير مؤمنين مع الشياطين .
ثالثا :  الحياة الأبدية ، من مجئ السيد المسيح الثاني إلي أبد الآباد ، فإن الكتاب المقدس يوضح بكل جلاء عن يوم مجيئه الثاني المخوف المملوء مجدا  " لأن الرب نفسه بهتاف بصوت رئيس ملائكة وبوق الله سوف ينزل من السماء والأموات في المسيح سيقومون أولا . ثم نحن الأحياء الباقين سنخطف جميعا معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء . وهكذا نكون كل حين مع الرب " (1تس16:4-17) . فعندما تقوم أجساد الأموات في المسيح ، فإن أرواحهم سوف تتحد مع أجسادهم مرة أخري بقوة القيامة ، والأحياء الباقين لا يسبقوا الراقدين ، وسوف نخطف جميعا لملاقاة الرب علي السحاب . وتعاليم الكتاب المقدس توضح لنا أن قيامة الأموات في اليوم الأخير سوف تكون قيامة واحدة للأبرار والأشرار وفي نفس الوقت لكي يقفوا أمام كرسي الديان العادل، كقول معلمنا بولس الرسول " ولي رجاء بالله في ما هم أيضا ينتظرونه أنه سوف تكون قيامة للأموات الأبرار والأثمة " (أع15:24) . وهي ما يطلق عليها " القيامة العامة " أي قيامة الأجساد ، والأرواح تنتقل من مكان الانتظار وتتحد مع جسدها المقام ، لأن جسد الإنسان قد اشترك مع روحه في كل عمل صالح أو عمل شرير ، كما هو مكتوب " وكل الراقدين في تراب الأرض يستيقظون هؤلاء إلي الحياة الأبدية وهؤلاء إلي العار للإزدراء الأبدي "       ( دا121:2) . والكتاب المقدس يوضح لنا أن جسد القيامة جسد ممجد كقول معلمنا القديس بولس الرسول " فإن سيرتنا نحن هي في السموات التي منها أيضا ننتظر مخلصا هو الرب يسوع المسيح الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون علي صورة جسد مجده بحسب عمل استطاعته أن يخضع لنفسه كل شئ" (في 20:3-21) ، أيضا قوله " وكما لبسنا صورة الترابي سنلبس صورة السماوي. فأقول هذا أيها الإخوة إن لحما ودما لا يقدران أن يرثا ملكوت الله . ولا يرث الفاسد عدم فساد " (1كو49:15-50) .   
وربما يتسائل سائل كيف يكون " إننا نحن الأحياء الباقين إلي مجئ الرب لا نسبق الراقدين .  ... والأموات في المسيح سيقومون أولا . ثم نحن الأحياء الباقين سنخطف جميعا معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء . وهكذا نكون كل حين مع الرب " (1تس 15:4-17)  ألم يقل الكتاب " وضع للناس أن يموتوا مرة ثم بعد ذلك الدينونة " (عب27:9 )   ؟
والإجابة علي هذا السؤال هي : أن الأحياء الباقين إلي المجئ الثاني لربنا يسوع المسيح ، سوف يموتون ويقومون لحظيا ، أي في لحظة في طرفة عين يموتون ويقومون عند سماع البوق الأخير .






البـــاب الســـادس

الخـــاتمـــة

إن الله قد خلقنا في هذا الوجود من أجل أهداف معينة طبقا للخطة الإلهية الأزلية ، ولم يخلقنا لكي نعيش ثم نموت بدون تحقيق لهذه الخطة الإلهية التي من أجلها وجدنا في هذا العالم .

فالله يحب جبلته التي صنعتها يداه كقوله " ولذاتي مع بني آدم " (أم 31:8) ، وقديما قال الله لمعلمنا موسي النبي  عندما أرسله إلي فرعون مصر " وتقول له إله العبرانين أرسلني إليك قائلا أطلق شعبي ليعبدوني في البرية " (خر16:7) . ومعلمنا القديس بولس الرسول بإرشاد من الروح القدس يقول     " لأننا نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع لإعمال صالحة قد سبق الله فأعدها لكي نسلك فيها : (أف 10:2) ، فكل إنسان ’خلق و’أعد له أعمالا صالحة لكي يسلك فيها لتمجيد اسم الله . هناك أناس يعرفون مقاصد الله في حياتهم ويسيرون في طريق حياتهم نحو تحقيق هذا الهدف كقول معلمنا القديس بولس الرسول " الذين سبق فعينهم فهؤلاء دعاهم أيضا والذين دعاهم فهؤلا بررهم أيضا والذين بررهم فهؤلاء مجدهم أيضا " (رو30:8) . وهناك أناس آخرون لا يعلمون ويخطئون الطريق ولا يستطيعون الوصول إلي الهدف ، وأناس آخرون لا يريدون أن يعلموا ولا أن يحققوا الهدف من وراء وجودهم في هذه الحياة ، بل سالكين حسب شهوات الجسد ، كقول الكتاب " وكما لم يستحسنوا أن يبقوا الله في معرفتهم أسلمهم الله إلي ذهن مرفوض ليفعلوا ما لا يليق ." (رو28:1) . فالله " يريد أن جميع الناس يخلصون وإلي معرفة الحق يقبلون " (تيمو4:2) ، ولكن البعض يضل ويبتعد عن الله بإرادته الخاصه.

والله دائما يختار الرجل المناسب لخدمة معينة وفي وقت معين ، فمثلا اختار الله معلمنا موسي النبي لتحرير شعبه من عبودية فرعون مصر وعبر بهم بحر سوف وقادهم في البرية وكان الله يعولهم علي يدي معلمنا موسي النبي أربعين سنة ،  في حين أن الله اختار يشوع بن نون لكي يدخلهم إلي أرض الموعد ليستوطنوا بها . فالله دائما يعاقب المخطئين حتي الأنبياء منهم ، فقد عاقب الله معلمنا موسي النبي وهارون اخيه ولم يدخلا أرض الموعد لأنهم لم يؤمنا به حتي يقدسانه أمام أعين بني إسرائيل (عد12:20) فلم يطيع موسي النبي الله وضرب الصخرة بعصاه مرتين بدلا من أن يكلماها أن تعطي ماءها (عد 8:20 ،عد12:27-14)، وذلك " لأنهم  كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم والصخرة كانت المسيح" (1كو 4:10) ،  كذلك عاقب الله كل الأشخاص الذين تذمروا عليه وجربوه عشرة مرات ولم يسمعوا لقوله (عد22:14) ، كقوله " في هذا القفر تسقط جثثكم جميع المعدودين منكم حسب عددكم من ابن عشرين سنة فصاعدا الذين تذمروا عليَ . " (تك29:14) ، لذلك أتاههم في البرية أربعين سنة (تك 34:14)  حتي سقط جميعهم .



 كذلك اختار الله القديس البطريرك أثناسيوس واستخدمه الله لدحض بدعة آريوس ، فقد أعطاه الله موهبة العلم وحدد له خدمته وعمله في محاربة الهرطقات وحفظ الإيمان إلي يومنا هذا ولذلك لقب بحامي الإيمان .

 كذلك اختار الله الشيخ يوسف النجار الرجل البار (مت19:1) فقد حدد الله عمله ودعاه فاستجاب وأطاع وهو يعتبر مثالا يحتذي به في إتمام مقاصد الله في حياته مثله مثل أبونا إبراهيم أبو الآباء (تك1:12-3) ، لأن البار بالإيمان يحيا . فقد اختار الله الشيخ المسن يوسف النجار ليأخذ مريم العذراء وهي في الثالثة عشرة من عمرها خطيبة له بعلامات سمائية إذ ظهرت حمامة واستقرت علي عصاه ، فأعطاها له زكيا الكاهن ، فأطاع في تسليم كامل لمشيئة الله . كذلك ظهر له ملاك الرب ثلاث مرات ( مت20:1 ، مت13:2،19) ومرة رابعة " اوحي إليه في حلم " (مت22:2) ، فكان في كل مرة يطيع الله في تسليم تام ، لم يؤجل أو يسوف لكنه نفذ أوامر ملاك الرب بسرعة كقول الكتاب " فقام وأخذ الصبي وأمه ليلا وانصرف إلي أرض مصر " (مت14:2) . وكان كل ذلك بقلب راضي ونفس مستريحة ورجاء ثابت ، ليس فيها عصيان أو تذمر ، بل في تسليم كامل لله ولمشيئته الإلهية .

كان القديس يوسف النجار هو الخادم الأمين لسر التجسد الإلهي ، فقديما تنبأ إشعياء النبي وقال " هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل " (إش14:7)  ، كذلك معلمنا القديس متي البشير قال " هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا " (مت23:1) ، وقد سخر كل قوته وقدرته لخدمة إتمام خطة الله الأزلية لتوبة وخلاص البشرية .

كان القديس يوسف شيخا مسنا صبورا منحه الله القدرة والقوة  كقول إشعياء النبي " يعطي المعي قدرة ولعديم القوة يكثر شدة . الغلمان يعيون ويتعبون والفتيان يتعثرون تعثرا . وأما منتظروا الرب فيجددون قوة . يرفعون أجنحة كالنسور . يركضون ولا يتعبون يمشون ولا يعيون " (إش29:40-30) ، سخر كل قواه وإرادته تحت قدمي ربنا يسوع لكي ينفذ مشيئة الآب السماوي في الهرب من هيرودس الملك وجنوده .

ولكي يتمم مقاصد الله هرب بالعائلة المقدسة إلي مصر ، إلي بلد غريب تاركا وراءه وطنه وأهله وعشيرته وذهب إلي الأرض التي أمره الله  أن يذهب إليها وهي مصر معقل الوثنية في ذلك الوقت . وقد ذاق خلال هروبهم تعب السفر من بيت لحم إلي جبل قسقام في صعيد مصر ، آخذا قوة وقدرة من الله كقول الله علي فم زكريا النبي " لا بالقدرة ولا بالقوة بل بروحي قال رب الجنود " (زك6:4) ، هذا بالإضافة إلي ألم الغربة والعوز والفقر المادي ، لم يكل أو يمل من كثرة الإهانات من بعض العائلات المصرية . تحمل كل هذا بصبر وبشكر لإيمانه القوي بالله ، لأنه كان يعيش حياة التسليم الكامل لله .

شاهد القديس يوسف النجار في خلال رحلة الهروب هذه إلي أرض مصر معجزات وآيات وعجائب لا حصر لها كان يصنعها ربنا يسوع لذلك ظل صامتا من فرط الإعلانات الإلهية ، لأنها أمور لا يسوغ لأي إنسان أن ينطق بها . كان لا يخاف شيئا لأنه كان يشعر في أعماق قلبه أن الله معهم ، يدبر كل أمور هذه العائلة المقدسة ، كقول المرنم بالمزمور " إن سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شرا لأنك معي . عصاك وعكازك هما يعزياني " (مز4:23).

لقد نال القديس يوسف النجار الشرف الكبير والبركة العظيمة التي لا تدانيها أي بركة أخري بأن حمل علي يديه وعلي منكبيه الله المتجسد ربنا يسوع وهو طفل صغير . فإذا كان الأب الكاهن في القداس الإلهي يمسك الجسد المقدس والدم الذكي الكريم يقدسهما بالصلوات ، وبعد حلول الروح القدس عليهما وتحولهما إلي جسد حقيقي ودم حقيقي لربنا يسوع المسيح يتقدس هو بلمسهما ، كذلك القديس يوسف قد تقدس بحمله الله الظاهر في الجسد "وبالإجماع عظيم هو سر التقوي الله ظهر في الجسد " ( 1تيمو16:3 ) .

لقد عاش هذا القديس العظيم بعد عودة العائلة المقدسة  إلي الناصرة فترة زمنية غاية في القداسة في وجوده المستمر مع رب المجد يسوع والقديسة الطاهرة دائمة البتولية مريم في حياة يملأها الإيمان والرجاء والمحبة والتواضع، كقول معلمنا القديس بولس الرسول بإرشاد من الروح القدس " وكل ما فعلتم فاعملوا من القلب كما للرب ليس للناس عالمين أنكم من الرب ستأخذون جزاء الميراث . لأنكم تخدمون الرب المسيح ."(كو23:3-24) ، لذلك نال الجزاء وأخذ الميراث الأبدي ، وعند مرضه كان ربنا يسوع في السادسة عشرة من تاريخ ظهوره في الجسد ، وكان يجلس بجواره ليخدمه ، وقد حضر ربنا يسوع نياحته ، وبعد أن بسط القديس يوسف يديه وأسلم الروح أغلق ربنا يسوع عينيه بيديه الطاهرتين ودفنه في قبر أبيه يعقوب . وقد تنيح في شيخوخة صالحة عن عمر يناهز المائة وإحدي عشرة سنة وقد ضمن ملكوت السموات والحياة الأبدية . تعيد له الكنيسة في اليوم السادس والعشرين من شهر أبيب من كل عام (1) .

بركة وصلوات وطلبات هذا القديس العظيم تكون معنا ، ولإلهنا المجد الدائم إلي الأبد آمين .



وإنني أتضرع إلي الله أن يكون هذا الكتاب سبب بركة لكل من يطلع عليه ، وأن نتعلم من هذا القديس العظيم ونحاول أن نقتني بعضا من فضائله لكي تكون أسماؤنا مكتوبة في سفر الحياة مع القديس يوسف النجار ويكون لنا معه نصيب في ملكوت السماوات . بشفاعة أمنا العذراء الطاهرة مريم والقديس يوسف النجار ، وبالصلوات والطلبات التي يرفعها عنا أبينا الطوباوي قداسة البابا المعظم الأنبا شنودة الثالث وشريكه في الخدمة الرسولية نيافة الحبر الجليل الأنبا دانييل وسائر آبائنا المطارنة والأساقفة والكهنة واخوتنا الشمامسة وإخوتنا الرهبان وكافة المؤمنين . ولإلهنا المجد الدائم آمين .





ذكصولوجية للقديس يوسف النجار







+ الله اختار يوسف ، لكي يحفظ العذراء ، في بيته ، بعلامات سمائية .

+ ظهرت حمامة ، واستقرت علي عصاه ، فأعطاها له ، زكريا الكاهن .

+ شك يوسف في بتوليتها ، فأخبره الملاك ، قائلا يا يوسف ، يا ابن داود .

+ لا تـخف أن تأخذ ، مريم إمرأتك ، لأن الذي حبل به فيها ، هو من الروح

   القدس .

+ مريم هي الكنز ، الذي اشتراه يوسف ، فوجد الجوهر ، مخفي في وسطه .

+ جاء يوسف الصديق ، مع مريم أم المسيح ، وصنعا إتمام الناموس ، لأجل

   الصبي المخلص يسوع .

+ مريم العذراء ، ويوسف وسالومي ، تعجبوا جدا ، ممن رأوه .

+ اطلب من الرب عنا ، أيها القديس العظيم ، الأنبا يوسف الصديق ، ليغفر لنا خطايانا .

مديـح للقديـس يوسف النجار



الســـلام ليوســـف النجـــار                     خطيـب العـــذراء المختـــار

المشهــــود لــه إنــه بــــار                      ذو الشيبــــة والــوقـــــــــار

هـو مـن نســـل الأبــــرار                  عشــــيـرة داود المختـــــــار

اصطفــاه الــرب باقتــدار                       وأعطــاه طهــارة ووقــــار

اخـتـــاره رب الأنـــــام                          ليكـــون خطيبـــا لماريـــام

ليتمـــم الســـر بســــلام                          ونبــــوة إشـــعياء بتمــــام

أخـــذ مريــم الصبيــــة                          البتـــول الطـــاهرة النقيـــة

إلي بيتــه بكـــل حنيـــه                          ليتمـــم المشـــيئة الإلهيــــة

قبلـــت البشــارة الهنيــة                         بميـــلاد فــادي البشــريـــة

ظنوهــا زوجــة عاديــة                         وهــي دائمــــة البتوليـــــة

يوســـف النجــار احتــار                        لـم يتركـــه رب الأنــــوار

أرسل له ملاكـه المختـار                      هي حبـلي بســر الأســـرار

روح اللـــه حــل عليهــا                       وقــــوة العلـــي تظللهـــــا

لذلــك المولـــود منهــــا                        هـو يســـوع ابــــن اللــــه

تهلـــل يوســـف النجــار                       ورتــل لإلهنـــا بالمزمــار

مـع داود النـــبي البــــار                        بالـدفوف والعشــرة أوتار

ولـد يسـوع إلهناالقدوس                       والملائكة والرعاة والمجوس

فرحـوا بفــادي النفــوس                       طوبـاك يا يوسـف بإيســوس

أخذ مريم ويسوع وسالومي                   وهرب إلي مصــر بخشــوع

والمـلاك أمـره بالرجـــوع                    ويوســف يسمــع بخضـــوع

المـلائكة والمجـوس بالتهليـل                وهيــرودس حســود وذليــل

مـريــــم تســـمـع إشــــارات               تحفـــظ فـي قلبهـــا بثبــــات

ويوســـف يخـــدم النبــــوات              الـــذي لا تســـعه السمـــوات

طوبــاك يا يوســف النجـــار              خدمت العذراء طهر الأطهار

وصـرت أمينا علي الأسرار              المســـيح أحبــك يا مختـــــار

تســـبيح اسمــك في أفـــواه               كـــــــــل المؤمنــــــــــــــين

الكـــل يقولـــون يـا إلـــــه                يوسف النجـارأعنـا أجمعــين



المــراجــــع



1 - السنكسار الجامع لأخبار الأنبياء والرسل والشهداء والقديسين المستعمل في كنائس   الكرازة المرقسية في أيام وآحاد السنة التوتية . اليوم السادس والعشرين من شهر أبيب المبارك .

2 -  من مقال لنيافة الحبر الجليل المتنيح الأنبا غريغوريوس الأسقف العام للدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي ، منشور بجريدة وطني بتاريخ 3/7/2009  م .

3 - السنكسار الجامع لأخبار الأنبياء والرسل والشهداء والقديسين المستعمل    

   في كنائس الكرازة المرقسية في أيام وآحاد السنة التوتية . اليوم الرابع        والعشرون من شهر بشنس المبارك .

4 -  من مقال لنيافة الحبر الجليل المتنيح الأنبا غريغوريوس الأسقف العام للدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي ، منشور بجريدة وطني بتاريخ 3/6/ 2007 م .

5 – من مقال " عن خط سير العائلة المقدسة في مصر " بقلم الدكتور طلعت

زكي مينا ، منشور بجريدة وطني بتاريخ 6/6/  2010 م .

6 – من مقال " عن  وصول العائلة المقدسة إلي منية تل بسطة " بقلم عزت اندراوس منشور في انسكلوبيديا موسوعة تاريخ أقباط مصر.

7- من مقال لنيافة الحبر الجليل المتنيح الأنبا غريغوريوس الأسقف العام للدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي ، منشور بجريدة وطني بتاريخ 12/6/2005 م .

8-  كتاب الدير المحرق، تاريخه ، وصفه، وكل مشتملاته ، لنيافة الحبر الجليل المتنيح الأنبا غريغوريوس الأسقف العام للدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي منشور سنة 1992 م صفحة 87 .

9 – ميمر البابا تيموثيؤوس بابا الإسكندرية في المخطوطات الأثيوبية التي نشرها  العلامة   BUDGE  في كتابه :

Legenda Of Our Lady ,Page 99 (E.A.W) ,   BUDGE            

  10 الكتاب المقدس بعهديه ، العهد القديم والعهد الجديد .



                               






No comments:

Post a Comment